سفير لبنان يقيم حفل عشاء على شرف دولة الرئيس نجيب ميقاتي

أقام سعادة سفير لبنان في ألمانيا الدكتور مصطفى أديب مساء نهار الاثنين الماضي الواقع فيه 3 شباط 2014 حفل عشاء على شرف دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي بحضور معالي وزير الافتصاد الأستاذ نقولا نحاس وبمشاركة جميع السفراء العرب المعتمدين في ألمانيا وأركان السفارة ، وذلك بمناسبة زيارته إلى ألمانيا ومشاركته في مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن .

وألقى سعادة السفير الدكتور مصطفى أديب كلمة في هذه المناسبة قال فيها : "لقد اختطّ دولة الرئيس منذ إختياره العمل في الشأن العام نهجاً تميّز به عمّا عداه بحيث شكّل علامة فارقةً في العمل السياسيّ في لبنان. هذا النهج كان دوماً قوامه الإعتدال والوسطيّة، والتعاطي مع الأمور بالكثير من الحكمة، ومع الصعاب بالكثير من الصبر والرويّة. هذا النهج الوطنيّ القائم على ثوابت وطنيّة عمادها الجمع بين الناس، ووصل ما انقطع، والمحافظة على وحدة الوطن والمجتمع، وعدم التفريط بالسيادة والكرامة الوطنيّة، هو الذي شكّل صمام أمان للبنان وأمّن إستمراريّة الوطن وإستمراريّة عمل مؤسساته الدستوريّة والوطنيّة."

وأضاف: "لقد تولى دولة الرئيس سدّة المسؤوليّة في أحلك الظروف التي مرّ بها لبنان واستطاع من خلال أدائه السياسي المتميّز أن ينقل الوطن من شاطئ اليأس إلى شاطئ الأمل والرجاء. ففي خلال ولايته الأولى كرئيس لمجلس الوزراء إستطاع تأمين إجراء إستحقاق الإنتخابات النيابيّة حين كان الإنقسام ما بين اللبنانيين على أشدّه. وقد شهد المجتمع الدوليّ على نزاهة هذه الإنتخابات وصدقيتها. كما استطاع في خلال ولايته الثانية تجنيب لبنان ويلات التموضع مع أحد طرفيّ الصراع المأساويّ الدائر في سوريا من خلال إنتهاجه لسياسة النأيّ بالنفس، ومن خلال دعوته المتكرّرة جميع الأطراف السياسيّة إلى الإلتزام بها وعدم الإنجرار إلى أتون هذا الصراع."

ثم أضاف قائلاً : "لقد تعرّضت سياسة دولة الرئيس ميقاتي إلى الكثير من الإنتقاد، إلاّ أنّ الأحداث التي جرت في لبنان والمنطقه أثبتت صوابية نهج الإعتدال الذي اعتمده، ولعل أبلغ دليل على ذلك هو كون جميع السياسيين الذين هاجموا هذا النهج وأعلنوا براءتهم منه، عادوا مؤخراً إلى نهج الوسطيّة مجترحين له المبررات والأسباب."

 

الرئيس ميقاتي

بدوره تحدث الرئيس ميقاتي فشكر السفير أديب على هذا اللقاء الجامع. وقال: إن وجود أمثال السفير أديب من الجيل الشاب في عالمنا العربي يزيد إيماني بقدرة وطننا العربي على النهوض من جديد. وقد لمست في اللقاءات التي عقدتها هنا مقدار المحبة والإحترام اللذين يتمتع بهما سعادة السفير لدى كل الأوساط الحكومية الألمانية والسلك الديبلوماسي وأبناء الجالية اللبنانية. ونتمنى له التوفيق في مهامه على الدوام.

سئل الرئيس ميقاتي عن الواقع العربي فأجاب: يمر عالمنا العربي بصعوبات كثيرة وبات الوضع في الكثير من دولنا مؤلماً جداً نتيجة الخلافات والإقتتال الداخلي بين طوائفنا ومذاهبنا. وحتماً فإن الثورات التي قامت في أكثر من بلد شكّلت تعبيراً عن الكثير من الهواجس والمطالب المحقة، لكن الديموقراطية ليست مجرد قرار يُتخذ في لحظة معينة بل هي عبارة عن ثقافة طويلة وراسخة في التربية مرتكزها الأساسي الحرية والقبول بالآخر.

وعن الموضوع الفلسطيني قال: قضية فلسطين هي قضيتنا الأساسية وهي محقة، وآمل أن يتم التوصل إلى حل لهذا الصراع الطويل على قاعدة إستعادة الحقوق ولو اقتضى الأمر بعض التسويات الضرورية، من دون التفريط بحق العودة الذي يبقى هاجساً أساسياً لدينا نحن اللبنانيين. هناك جهد جدِّي يقوم به حالياً وزير الخارجية الأميركية أتمنى أن يوصل إلى إتفاق فلسطيني - إسرائيلي لأن من شأن هذا الإتفاق دفع مسيرة السلام العادل والشامل في المنطقة. ولنا في المبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في قمة بيروت منطلقاً أساسياً للحل.

ورداً على سؤال عن الخلاف السوري - السعودي وانعكاسه على لبنان قال: يشكل لبنان دوماً الإنعكاس الأول للوضع في العالم العربي، وكان تاريخياً محط تأثير كبير من دول ثلاث هي المملكة العربية السعودية، مصر وسوريا، وأي خلاف يحصل بين دولتين من هذه الدول الثلاث ينعكس على لبنان، وهذا ما هو حاصل حالياً، إضافة إلى الواقع الإاقليمي المستجد والمتمثل بدخول إيران القوي على الخط. لقد أصبح لبنان إزاء هذا الوضع على خط زلازل واضح، وأي زلزال أو هزة يحصل في أي منطقة سيترك إنعكاسه على لبنان. كما أن التركيبة اللبنانية المعقدة القائمة على الطوائف تترك المجال أيضاً للتدخلات الخارجية بحيث تقوم كل طائفة بالإستقواء بالخارج لتحقيق مكاسب داخلية في ما يتعلق بإدارة شؤون الحكم. وعلى هذا الأساس فإن خلاف الدول الخارجية يترك أثره السريع على الواقع اللبناني، بينما التفاهم الخارجي يحتاج إلى وقت أطول ليجد ترجمته على صعيد الواقع اللبناني الداخلي.

وعما لمسه خلال لقاءاته في مؤتمر ميونيخ من أجواء في ما يتعلق بالوضع في سوريا قال: الوضع السوري حتماً غير مريح والصراع طويل وقد لمست من لقائي مع الموفد الأممي السيد الأخضر الإبراهيمي أن الأجواء تتطلب الصبر الطويل في هذا المجال. والمؤسف أن هذا الوضع الخطير يدفع ثمنه الشعب السوري بالدرجة الأولى، قتلاً ودماراً. سوريا اليوم محط صراع دولي على النفوذ والمصالح، تداخلت فيه عوامل إقليمية عدة، بينما حلت مطالب الشعب السوري في الدرجة الثالثة في هذا الصراع الثلاثي الأبعاد. لا يمكن حل الصراع في سوريا إلا من رأس الهرم إلى أسفله، أي عبر توافق الدول الكبرى وملاقاة الواقع الإقليمي لهذا التوافق ومن ثم يمكن التوصل إلى حل توافقي لمطالب الشعب السوري في الحرية والديموقراطية.

وعن الوضع الحكومي في لبنان قال: من المؤسف أن الوضع اللبناني بات متداخلاً بشكل كبير مع تعقيدات الوضع في سوريا وأي تفاهم لبناني داخلي سيحصل في الملف الحكومي أو سواه لن يشكل حلاً جذرياً للمشكلة وسيبقي الوضع اللبناني معلقاً إلى أن تتضح الصورة الكاملة في المنطقة. التفاهم على تشكيل حكومة جامعة أتى في لحظة إقليمية مناسبة أعطت الضوء الأخضر للمشاركة، لكننا نشهد مغالاة داخلية في الخلافات وإغراقاً في التفاصيل بما يجعلنا بعيدين عن التوافق والتفاهم الكاملين والدائمين. 

 

Fotos: Mohamed El-Sauaf